الآثار الاقتصادية المترتبة علي التسريب النفطي



يعتبر النفط هو المحرك الأساسي وصاحب النصيب الأكبر في إمداد المعدات والآلات بالطاقة اللازمة لتشغيلها، بلغت حصته نحو 35% من مصادر إمداد الطاقة الأولية علي مستوي العالم، مسجلا أعلي نسبة مشاركة يليه الفحم بحوالي 26%...
ويستخرج النفط من اليابسة والمناطق المغمورة بالمياه "الآبار البحرية". ونتيجة لهذا ينتج عن استخراجه بعض التسريبات وخصوصا في المياة وهذه التسريبات اما أن تكون من حقل النفط المائي مباشرة أو عن طريق التسريب من ناقلات البترول العملاقة
والسؤال هنا على من تقع مسؤولية تسربات النفط الشركات ام الحكومات ؟
مما لاشك فيه أنه لا أحد يتعمد حدوث تسريبات في الحقول البترولية ولكن الشركات تتحمل الجزء والمسؤلية الاكبر لتلك التسريبات والتي تكون نتيجة لاهمال جسيم واستهتار في العمل أو ان تكون الشركة متغاضية عن بعض الابحاث الجيولوجية الخاصة بتلك الآبار ومعرفة سمك سطح البئر وضغط النفط وهذا بسبب ارتفاع كلفة تلك الابحاث والدراسات في محاولة منها لخفض التكاليف وتعظيم الارباح.أما مسؤلية الحكومات فهي تكاد تكون تضامنية لوجوب مراقبة ومتابعة تلك الشركات وتغريم الشركات المخالفة لشروط وضمانات العمل في استخراج البترول
كم نسبة الخسائر الاقتصادية التي يمكن ان تخلفها هذه الحوادث ؟
تتمثل الخسائر الاقتصادية التي يمكن أن تخلفها تلك الحوادث في العديد من النقاط أولها عند حدوث الانفجار الاولي يؤدي الي تدمير الكثير من المعدات المستخدمة في عملية استخراج البترول ثانيا البترول المتسرب نفسه والذي قد يصل الي عدة  ملايين من البراميل مما يضيع ثروة وقيمة مضافة اذا ما تم استخدامه أضف الي ذلك عملية السيطرة علي التسرب وازالة البقع الزيتية والتي تستهلك ملايين من الدولارات علي حسب الكمية وتستغرق الكثير من الوقت والجهد وفي النهاية يأتي وقت الحساب بدفع الغرامات والتعويضات الناتجة عن الاثار التي تخلفها تلك لحوادث . ولبيان مدي الخسائر المترتبة عن أي تسرب بالارقام سوف أعرض نموذج عملي وهو التسرب الاخير بخليج المكسيك  
والذي بدأفي يوم 22/04/2010 علي عمق مئات الامتار والتي تقوم علي تشغيله شركة bp البريطانية وتم فقد 5 ملايين برميل من النفط الخام  وهو ما يمثل خسارة كبيرة للشركة نتيجة لفقد تلك الكمية بالاضافة الي ان الولايات المتحدة الامريكية قد طالبتها بغرامة 18 مليار دولار تذهب كلها للخزانة الامريكية بجانب 20 مليار اخري كتعويضات للشركات والافراد المضارين من تلك البقعة من اصحاب مراكب صيد ومنتجعات سياحية وفنادق خصوصا في الولايات المتحدة والتي أغلقت تماما في تلك المنطقة وغيرهم . كما سيتم تحميل الشركة لكافة مصاريف تنظيف المياة من البقعة . ولمواجهة تلك الغرامات قد باعت الشركة أصول لها بنحو 20 مليار دولار مؤقتا منتظرة سيل آخر من التعويضات وانتظار الحكم في القضايا المرفوعة ضدها

ما هي المخاطر البيئية للتسريب النفطي ؟

في المثال السابق وهو تسريب خليج المكسيك امتدت البقعة الزيتية بطول 200 كيلو متر وعرض 115 كيلو متر
والتي تحتوي علي كبريتيد الهيدروجين الضار بصحة الانسان ونظرا لأن النفط أقل كثافة من الماء فهو يطفو أعلي الماء مما يصنع عازل بين الماء والهواء علي طول هذه المساحة فيمنع ذوبان الهواء بالماء فيؤثر علي الكائنات الحية بالماء نظرا لعدم القيام بعملية التمثيل الضوئي . كما أن المركبات النفطية الأكثر ثباتا تنتقل عن طريق السلسلة الغذائية وتختزن في أكباد ودهون الحيوانات البحرية والاسماك والتي لها آثار سيئة بعيدة المدي تظهر علي الانسان بعد سنوات بالاضافة الي نفوق الكثير من الاسماك والحيوانات البحرية والطيور التي تتغذي علي الاسماك

هل محاولة السيطرة على التسرب في البحار والمسطحات المائية المتضررة وحده كافي لعلاج المشكلة ؟

بالتأكيد ليست عملية السيطرة علي التسرب في البحار كافيةعلي الاطلاق
 وعودة مرة أخري الي مثال تسرب خليج المكسيك  فنجد انه علي قرابة 4 أشهر مازالت عمليات ازالة البقعة مستمرة ولن تنتهي قريبا علي الرغم من ردم البئر وغلقه ورغم تطور التكنولوجيا المستخدمة من سفن تقوم بعملية شفط البقعة من علي سطح المياة ومعالجة البقعة ببعض أنواع البكتريا الخاصة التي تعمل علي تحليل البقعة حتي يسهل زوبانها بالماء بجانب عملية البخر .ولهذا يجب وضع معايير واضحة في عمليات الاستخراج منذ البداية ولا ننتظر الكارثة


اقتراحات وتوصيات بهذا الشأن بعد ازدياد التسرب النفطي في العالم ."للدول العربية"

-         يجب علي الشركات اتمام الدراسات الجيولوجية الخاصة بعمليات الحفر والتنقيب والاستخراج حتي لاتحدث مثل هذه الكوارث مرة اخري
-         يجب علي الشركات وضع منظومة متكاملة للأمن الصناعي والتأكد من عملها أثناء الاستخراج بالاضافة الي المعايير المعروفة داخل هذه الشركات
-         وبالنسبة للحكومات يجب عليها مراقبة تلك الشركات دوريا وتفعيل دور الوزارات وهيئات النفط  فيكون عملهم ميداني وليس من مكاتب مكيفة
-         تغليظ العقوبات والغرامات المالية في حالة تسرب أي نفط سواء من بئر بحري أو حتي من ناقلات البترول العابرة
-         استحداث وتفعيل  ادارة متخصصة  في أزمات وطواريء تسريبات البترول وبأحدث الوسائل والاجهزة تكون تحت اشراف الحكومة وبتعاون مع الشركات العاملة وجمعيات الحفاظ علي البيئة وتبادل الخبرات مع الدول العربية والاجنبية 
-         الزام الشركات العاملة بعمل عقود تأمين مع شركات تأمين متخصصة لتغطية أي خسائر وكوارث كبيرة كتسريب المكسيك والذي لو كان مع شركة متوسطة الحال لكانت أفلست دون أن تغطي تكاليف الكارثة

Comments