المواطن صفر

المواطن صفر ٠٩/٠٤/٢٠١١ صباحا

العقول، مثلها مثل الأجسام، غالبا ما تسوء حالتها جرَّاء الراحة الزائدة.


حالة الصفر هي حالة سكون وهي الفارق بين اتجاهين متضادين وهي ليست سكون حركي بقدر ما هي سكون فكري وتنم عن حيرة بين مختلف الآراء المتداولة في الأوساط  والتيارات بين مؤيد ومعارض ، ولعل الأحداث المتواترة والسريعة التي شهدها ميدان التحرير بالأمس  في يوم الجمعة ٠٨/٠٤/٢٠١١ تزيد من تلك الحيرة فجميعنا قرأ أو سمع أو شاهد بعض التقارير من الوسائل الاعلامية وخاصة الفيسبوك عن تنظيم أو انضمام بعض ضباط الجيش الي الثوار ومطالبتهم بعزل المشير طنطاوي والمجلس العسكري بدعوي البطء الشديد في محاكمة رموز النظام السابق وعدم اتخاذ خطوات جدية لاستعادة الاموال المهربة ... وهنا يتسائل المرء وتزداد حيرته هل هذا الكلام صحيح هل بعد كل الحب المتبادل بين الشعب والجيش والثقة الكبيرة قد يفكر الجيش في خيانة الشعب أم هي وقيعة أخري من النظام البائد والثورة المضادة في محاولة أخري للوقيعة بين العاشقين الشعب والجيش وخصوصا بعد تضارب الأنباء حول هوية هؤلاء الضباط الي حد القول بأنهم أشخاص مدنيون ينتحلون صفة ضباط للجيش وهو ما ستسفر عنه التحقيقات اليوم .... ولكن وبغض النظر عن هوية هؤلاء الضباط وغرضهم سواء كانوا يتكلمون بقناعة أو محبين للشهرة كما قال البعض عنهم ، فمطالبهم هو السرعة في محاكمة فلول النظام البائد وهنا نأتي الي حالة الصفر مرة ثانية ونتسائل عن رأيين هل فعلا هناك بطء في تلك المحاكمات أم أن الفساد استشري في مصر الي حد تعجز معه سلطات التحقيق من متابعة مئات الملفات للكثير من رموز الفساد.

حالة الصفر مرة ثالثة ، نجد العديد من المطالبين بمحاكمات عسكرية لرموز النظام وأحكام عسكرية ضدهم والجميع يتمني ذلك ولكن معظمهم يتم التحقيق معهم بتهم فساد مالي وتهريب أموال للخارج ، وحتي نستطيع أن نطالب بتلك الأموال من الخارج لابد أن تكون الأحكام الصادرة ضدهم صادرة من محاكمة مدنية عادلة ، وكلمة عادلة هنا تعني أن مجرد وجود مظاهرات خارج قاعة المحكمة تفقد الحكم شرط العدالة لكون القاضي قد يتأثر قراره بتلك المظاهرات ، وبذلك لا نستطيع المطالبة بتلك الأموال.

حالة الصفر مرة رابعة ، وهي الخاصة بتعديل الدستور في الفترة السابقة وحالة الجدل ما بين نعم و لا ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد بل زاد الجدل بعد أن خرج علينا الجيش باعلان دستوري لا يعبر عن طموح الثورة ومطالبها حتي ولو كان مؤقتا فلماذا اذا كان هذا الاستفتاء اذا كان باستطاعة الجيش اصدار القوانين !!!

حالة الصفر الخامسة ، وهي المتعلقة بالاستمرار في التظاهر أو العودة الي العمل والانتاج ، فهل نعود الي العمل والانتاج ونترك التظاهر بما قد يشكل خطورة علي الثورة ويزيد من بطء اتخاذ القرارات وهو اتجاه يتبناه الكثير من السياسيين ، وهناك اتجاه آخر بأن نثق في قواتنا المسلحة ولا نستمع الي أبواق الثورة المضادة ونعود الي العمل والانتاج.

في حقيقة الأمر أن جميع حالات الصفر السابقة سوف تجدها عند قرآتك للمقال أنها ليست بصفر وأنك لديك رأيك المحدد ، وهذا حقيقي لأن المواطنين منقسمين في كل حالة ما بين مؤيد ومعارض وأنت أحد هؤلاء الأشخاص ،ولديك قناعتك الكاملة لآرائك وأنا هنا أتعرض فقط للمواطن صفر ، المواطن الحائر بين الرأيين ، المواطن الذي يستمع الي بيانات المجلس العسكري وفي نفس الوقت يستمع الي شائعات صانعي الثورة المضادة. ولعلي هنا عرضت خمسة أصفار فقط ولكن مع تواتر الأحداث متأكد من وجود الكثير من الأصفار في القريب ومع كل تلك الأصفار أخشي ما أخشاه أنه مع وجود الثورة المضادة تكون المحصلة النهائية لثورة يناير هي صفر.
لذلك لابد أن لا ننسي أن الجيش والشعب ايد واحدة وأن لا ننساق الي اشاعات الثورة المضادة

اللهم اني أستودعك وطني يا من لا تضيع ودائعه
اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين

أحمد توفيق



Comments